تواجه قيادة حماس واحدة من أكثر المراحل تعقيدًا في تاريخها، وسط استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، وتفاقم الضغط الداخلي لإنهاء الحرب التي تجاوزت عامًا من الزمن، في ظل مؤشرات على تراجع القدرات الميدانية للحركة وتحوّلات جذرية في المشهد الإقليمي.
ويعيش قطاع غزة أوضاعًا إنسانية كارثية، مع شحّ المساعدات وغياب آليات واضحة لتوزيعها، إلى جانب خسائر غير مسبوقة في البنية التحتية للقطاع قد تتطلب عقودًا من الزمن وميزانيات ضخمة لإعادة الإعمار. ويأتي هذا في وقتٍ تكشف فيه التقارير الإعلامية أن حماس تواجه تحديات غير مسبوقة على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث يعاني الغزيون من نقص حاد في المساعدات الإنسانية، مما يزيد من الاحتقان الشعبي، فضلًا عن بروز فصائل مسلحة تعلن تمردها على سيطرة الحركة.
وفي الأوساط السياسية الإسرائيلية، تتحدث تقارير عن اقتراب نهاية الحرب، وسط مؤشرات على عزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استثمار التفوق العسكري في غزة واستعادة بعض الرهائن، تمهيدًا لتسوية سياسية قد تُفضي إلى انتخابات مبكرة تُبعده عن شبح قضايا الفساد التي تطارده.
ويرى محللون أن التحديات التي تواجهها حماس تتجاوز الجانب العسكري إلى مأزق استراتيجي، حيث تتعالى الانتقادات لقيادة الحركة في الخارج بسبب تغليب المصالح السياسية لضمان بقائها بعد الحرب على حساب المطالب الشعبية بوقف إطلاق النار الفوري.
ويشعر كثير من الغزيين بأن قيادات حماس التي تعيش حياة مترفة في تركيا وقطر لم تعد مؤهلة لتقرير مصير مليوني نسمة محاصرين بين مخالب الموت والجوع والمعاناة.
من جانبه، يرى الخبير في الشأن الفلسطيني حسن سوالمة أن الحركة "أصبحت مطالبة بمراجعة أدواتها وخطابها السياسي، خاصة في ظل التحولات الإقليمية وتغيّر أولويات الحلفاء التقليديين"، موضحًا أن "الدخول في اتفاق سياسي لا يعني نهاية المقاومة، بل قد يشكل نقطة انطلاق لإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني وضمان حضور فاعل في أي تسوية مقبلة."
وبينما تستمر العمليات العسكرية في غزة، يتصاعد الضغط الشعبي للمطالبة بخطوات عملية تُنهي الحرب وتوفر الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة.
ويؤكد مراقبون أن فرصة التوصل إلى اتفاق ما زالت قائمة، خاصة مع تصاعد الزخم الدولي وإدراك جميع الأطراف بأن استمرار الحرب سيزيد من الخسائر على الجميع.
وتبقى الأنظار متجهة نحو قيادة حماس التي تواجه اليوم اختبارًا مصيريًا: إما مواصلة معركة بدأت تفقد فيها أوراق الضغط التقليدية، أو المبادرة إلى تسوية سياسية تُنهي الحرب وترسم واقعًا جديدًا لأهالي غزة.